“الخرفنة” مصطلح شبابي حديث، يتم تداوله بكثرة بين المراهقين من الجنسين، ويُطلق عادة على الأفراد الذين أصبحوا صيداً سهلاً أمام إغراءات “البنات”، اللاتي بدورهن لا يتوانين في استغلال مثل هؤلاء الضعفاء لتحقيق مصالحهن المادية؛ مما جعل الكثير من الشباب يفكر كثيراً قبل أن يتفاعل أو يتجاوب مع إغراءات الجنس الناعم، واللاتي أصبح بعضهن هن من يبادرن في التعرف ومعاكسة الشباب،
ومثل هذه السلوكيات تكشف مدى الجرأة التي وصلت إليها بعض الفتيات دون رادع من دين أو أخلاق، وهنا يبرز السؤال؛ كيف حدثت مثل هذه التحولات؟، وكيف انعكست الآية وأصبح الشاب هو من يُقصد ب”المعاكسة”؟.
وأدى الانفتاح الذي يعيشه المجتمع؛ بفضل التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي إلى جرأة كثير من الفتيات، وهو ما كشف عن ضعف متابعة كثير من الأسر مع “بناتهن”، ومنحهن ثقة مبالغ فيها أحياناً، كما أن التقليد، والاستعراض، والاستهبال، وغيرها من سلوكيات “شوفوني” منحت الفتاة مساحة أوسع للتحرك والتحرر وربما ابتزاز الشباب وصولاً إلى المال.
وقالت الشابة “تهاني” موظفة؛ إن الانفتاح على المجتمعات الأجنبية واكتساب أفكارها وثقافتها له دور كبير في جعل الفتيات أكثر جرأة، مضيفةً؛ أن عادات المجتمع ساهمت بشكل كبير في خلق فجوة بين الأولاد والبنات، مبينةً؛ أن الفتاة عندما تكبر تجد نفسها فجأة في عزلة تامة عمن تربوا معها ممن تعتبرهم أخوة من الأولاد الأقارب، بل ولا يحق لها أن تتحدث معهم أو تتعامل معهم لا من قريب ولا من بعيد، في حين يهيأ لها داخل المنازل مشاهدة الأفلام والمسلسلات السلبية، وتتواصل عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي حيث اللقاءات والمحادثات ووضع الفتيات لصورهن في أوضاع أقل ما يقال عنها إنها مخجلة، مشيرةً؛ إلى أن كل ذلك في غفلة من الأهل لأنهم يعرفون بعض التقاليد ويلتزمون بها أكثر مما يعرفونه عن التقنية ومخاطرها.
وأضافت؛ “حتى إذا ما تلقت الفتاة تربية دينية نراها لا تؤثر فيها وترتكب الأخطاء والتجاوزات؛ لأنها تعتقد أنها عادات وليست قيماً وأخلاقًا إسلامية، لذلك ضعف الوازع الديني لديها”، نافيةً أن تكون التربية هي السبب، فأكثر الأسر محافظة تتلقى فيها الفتيات تربية جيدة إلاّ أن المؤثرات الخارجية هي السبب، وهي من جعلت الفتيات يتجهن إلى حب التجربة والتسلية لا أكثر.
ووافقتها الرأي الشابة “شروق” مرجعةً سبب جرأة الشابات إلى الفراغ والتقليد الأعمى للغرب، حيث يعرن من ليس لديها صديق بأنها رجعية وغير متفتحة، مضيفةً أن ذلك يُعد تخلفاً سببه عدم التربية والتوجيه الصحيح والمناسب لمتطلبات هذا العصر، والتي لا يعرفها كثير من الأهالي ممن يحتاجون إلى التأهيل للتعامل مع أبنائهم وبناتهم في مختلف مراحل حياتهم في الطفولة والمراهقة خاصةً قبل الزواج.
وأرجعت “شهد” طالبة جامعية ذلك إلى البيئة المحيطة من الأصدقاء غير الجيدين، بمعنى أن البنت ليست على قناعة كافية بما تربت عليه، وإن كانت تربيتها جيدة ومتوازنة فتقع بذلك تحت تأثير الصديقات، أضف إلى ذلك ضعف الرقابة، مبينةً أن التربية مهمة وإحتواء البنت مهم جداًّ، ذاكرةً أن عدم إنكار أفكارها وتجريم سلوكها لمجرد ارتكابها لتجاوزات بسيطة فذلك يجعلها تخفي الكثير عن والديها وأهلها؛ لأنها تخشى ردة الفعل، مؤكدةً على أن أكثر تلك التصرفات تأتيها الشابة دون قناعة في كثير من الأحيان ومنها المعاكسات لمجرد التسلية فقط، مُشددةً على ضرورة إحتواء الوالدين ومعرفة إلى أين تذهب البنت ومع من، ومن هن صديقاتها، ليس تجاوزاً على خصوصياتها وإنما بالحب والاحتواء والتقرب من أجل مصلحتها ومستقبلها.
وأوضحت “هند” -طالبة جامعية أن أغلب الفتيات يتجرأن ويبادرن بالتعارف أو يتجاوبن مع الشباب بغرض التفاخر وعدم الاحساس بالنقص أمام زميلاتها بأن ليس لديها صديق، على الرغم أنها قد تكون غير مرتاحة لتصرفها، مضيفةً أن التربية ليس لها دور في منع الشابة من الإقدام على ذلك، حيث إن هناك فتيات من أُسر محافظة ويقعن في مثل هذه السلوكيات؛ بسبب ضعف الوازع الديني لديهن، وعدم القناعة بما تم منعهن أو تحذيرهن عنه، مبينةً أن هناك شابات تربين في بيئات منفتحة محافظة ويقعن في المحظور، ذاكرةً أن بعض الفتيات لا يخشين شيئاً، ولا حتى على سمعتهن، هن أكثر جرأة، حيث يعتقدن أن الشباب يرغبون في البنت الجريئة، مشيرةً إلى أن بعض الفتيات تلفت الانتباه إلى شكلها وأنها جميلة.
وأضافت؛ أن الفتاة بالرغم من حاجتها للعواطف واحتواء الوالدين إلاّ أنها في مرحلة ما تحتاج إلى من يحبها وتحبه، موضحةً أن شغل وقت الفراغ يعوض كثيراً، فهناك أشياء رائعة ومفيدة ممكن أن تشغل بها نفسها ووقتها عن الانخراط والبحث وراء الأوهام.
وكشفت “نجلاء” أن الخلل موجود لدى بعض الأسر ممن يعطي الفتيات حرية أكبر، من خلال خروج الابنة لوحدها شأنها شأن الابن، وقد تكون الأم كبرت فتترك تربيتها للأخوات والأخوان، لتنفلت بمبدأ حرية شخصية، مضيفةً أن بعض الفتيات تأخذ الأمر على محمل الضحك وسعة الصدر.
وقال الشاب “رياض الغامدى” -طالب في الثانوية- أن شيوع ظاهرة “الخرفنة” للشباب من قبل الفتيات وتصويرها أحياناً بالفيديو واستهداف الشاب ب”النكات” والتعليقات الساخرة، جعلت منه يراجع نفسه وتصرفاته، مضيفاً أن الفتيات أصبحن يملن إلى معاكسة الشاب في الغالب بهدف التسلية.
ورأى الشاب “منصور بن خالد” أن المسألة لا تتعدى كونها نوعًا من التغيير بحكم أن الشباب سابقاً كانوا هم المبادرين والآن الشابات، مضيفاً أن ذلك يُعد ك”الموضة”، بينما لدى آخرين نوع من الترفيه عن النفس، وليس شرطاً أن تكون هناك علاقة أو إعجاب فقط، فقد تكون استمتاعًا بالتجربة واستهبالاً، أو في بعض الأحيان رغبة في لفت انتباه الشاب، مبيناً أنه قد تتجاوز الحدود في تصرفاتها لكن غالباً لا تكون مقصودة فتُفهم خطأ سواء من الشاب أو المجتمع، ذاكراً أنه قد يصعب فهم الفتاة؛ لأن لكل منهن طريقة غريبة في لفت الانتباه بينما الأهل أبعد ما يكونون عن ابنتهم، ولا يتقربون منها ويحاولون فهمها إلاّ بعد فوات الأوان، مؤكداً على أن فقدان الحب والاحتواء يجعلانها عرضة للسقوط في أخطاء اختيار الأصدقاء ومن ثم السلوكيات السلبية والتجاوزات دون رادع.
وذكر الشاب “سلطان العمران” طالب جامعي؛ أنه تعرض لتحرشات بعض الفتيات بشكل تجاوزن فيه حدود الأدب أحياناً، وذلك أثناء تجربته العمل في أحد المراكز التجارية، مضيفاً أنه غالباً ما يكن مجموعة صديقات ولا تكون الشابة منفردة، حيث يشجعن بعضهن البعض، فواحدة تلقي بكلمة وأخرى ترد، إلى أن يكتفين بما أردنه أو حضرن من أجله، مبيناً أنه قد تكون الفتاة مع أهلها، لكنها بعيدة عنهم بحكم ثقتهم بها، مُرجعاً تلك الجرأة إلى محاولة مقارعة الصديقات بالقدرة على إتيان ما لم يستطعن، إلى جانب الفراغ، وكذلك البحث عن إشباع العواطف والمشاعر المكبوتة!.
وأشار الشاب “نواف الجبالي” طالب جامعي؛ إلى أن الشابات أصبحن يعاكسن الشباب كنوع من استعراض لقدراتهن في لفت انتباههم وأنهن جميلات وكذلك الشاب بمعنى “يتميلح”، وقد لا يخلو ذلك من أهداف أخرى لكل طرف، معتبراً أن ذلك يُعد تجاوزاً لعادات المجتمع، ويكشف مدى ضعف الوازع الديني وتأثير الرفقة السلبية على كلا الطرفين.
الرياض
0 التعليقات:
إرسال تعليق