لم يتصور الشاب "بلال" أن ثرثرته مع صديقه "وائل" على شبكة التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" سيؤدي إلى هدم منزل عائلته المكون من أربعة طوابق واستشهاد شقيقه، الذي كان يتواجد داخل المنزل لحظة قصفه من قبل طائرات "F16 " ، بينما تمكن كافة أفراد أسرته من الهروب من المنزل قبل القصف بلحظات.
وتعود تفاصيل القصة المؤلمة إلى فترة العدوان عام 2012م والذي أطلق عليه العدو عملية " عامود السحاب" واستمرت ثمانية أيام من القصف والقتل والإجرام منقطع النظير.
ويقول "بلال" إنه كان ينتظر الساعات التي يأتي فيها التيار الكهربائي بفارغ الصبر بعد فترة انقطاعه الطويلة، ليتابع أحداث العدوان عبر صفحات التواصل الاجتماعي مع أصدقائه ولفضح جرائم الاحتلال ، موضحاً أنه في أحد الأيام التي كان يتابع تطورات العدوان فيها، خرج صاروخ اصدر صوت مرعب من احد الحقول المجاورة لمنزلهم والتي تعود ملكيتها لناشط في المقاومة الفلسطينية.
ويكمل بلال قائلاً:" ما أن انطلق الصاروخ حتى بدأ البيت كله يضج بالصياح والصراخ من شدة الفرحة لأن صوت صاروخ المقاومة كان مميزاً ، فسارعت إلى الحديث مع صديق لي أثق به تماماً وأخبرته بما حدث وحددت مكان انطلاق الصاروخ عبر شبكة الفيس بوك .
وتابع حديثه :" لحظات بدأت ألاحظ تحليق مكثف لطيران الاستطلاع في سماء المنطقة المتواجد بها منزلنا و على ارتفاع منخفض ، وقامت إحداها بإطلاق صاروخ على منزل جيراننا ، فاضطر جيراننا لترك منزلهم على وجه السرعة ، لأنه جرت العادة أن يطلق الاحتلال صاروخ تحذير يسبق عملية قصف من الطيران الحربي.
وأضاف " على الفور طلب منّا جيراننا ترك منزلنا، لأنهم خافوا علينا من شدة الانفجار لكن شقيقي "جمال" رفض الخروج بحجة انه لا يوجد ما يبرر ترك المنزل ، وأن العدو يستخدم قنابل زكية تصيب الهدف المطلوب بدقة دون أي ضرر للاماكن المجاورة له "، مبيناً أنه وأفراد أسرته الآخرين تركوا المنزل خشية على الأطفال من شدة الانفجار لا أكثر ، ولم يتوقعوا استهداف منزلهم .
وأردف بلال قائلاً :" لحظات وسمعنا صوت طائرة (F16 ) تحلق بصوت مخيف، وبعدها بثواني حدث الانفجار العنيف الذي هز المنطقة بأكملها، لكن الصاروخ لم يستهدف منزل جيراننا بل استهدف منزلنا الذي تحول إلى ركام متناثر، حيث مكثنا ساعات طوال ونحن نبحث عن أشلاء شقيقي التي عثرنا عليها ممزقة، ومشوهة تحت ركام المنزل".
ولا زال "بلال" يعيش عقدة الذنب الذي اقترفه عن غير قصد وأودى بحياة شقيقه وهدم منزلي عائلته و جيرانه، بعد ان سمع وقرأ العديد من القصص المشابهة لقصته ، والتي كان هو وغيره ضحية فيها لثرثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصال الخلوي "الجوال" التي يعمل العدو بكل إمكانياته لمتابعتها على مدار الساعة ومراقبة كافة الحوارات والأحاديث التي تتحدث عن المقاومة وعملياتها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق