الثلاثاء، 25 فبراير 2014

صخرة عنترة .. رمز العشق

























على سفوح جبال بلدة قصيباء الواقعة شمالي السعودية في منطقة عيون الجواء، تربض صخرة عنترة بن شداد، كأحد ابرز الشواهد الأثرية الباقية من العصر الجاهلي في تلك المنطقة، لتروي للأجيال الجديدة قصة عشق ألهبت الخيال العربي منذ القدم وأصبحت احد شوارد التاريخ ولمحاته الباقية.
لصخرة عنترة بن شداد في نفوس المحبين عبق خاص، فهي اثر شاهد على قصة حب ملتهبة، أضحت رمزا للحب والوفاء ومزارا تؤمه مجموعات المحبين والمتزوجين حديثا تيمنا بتلك القصة الخالدة، وتكثر على جنباتها تدوينات العاشقين ورسومات سهم «كيوبيد» وتوقيعات بأسماء رجال ونساء يربط الحب بينهم.
ورغم ان عنترة بن شداد قد أرخ لهذا المكان في معلقته الشهيرة، وللنواحي المحيطة به حتى مضارب القبيلة، التي تقول المرويات التاريخية انها تبعد عن الصخرة نحو 50 كيلو مترا، فإنه لم يكن يمر في باله ان الصخرة التي كان يلتقي في ظلالها بابنة عمه ويبثها أحاديث الهيام والعشق، ستصبح ذات يوم أثرا للسائحين ومزارا للمحبين من كل جنسية.
فقد حفظت الطبيعة المناخية التي تميز هذه المنطقة، الصخرة من الضياع والتلاشي رغم انها ليست من الصخور الغرانيتية الصلدة، فبقيت حتى الآن على حالها القديمة لم تتأثر بعوادي الزمن وتقلبات المناخ طيلة هذه القرون، ولا تزال هناك نقوش، يرجح انها ثمودية، ظاهرة على سطحها تشير إلى عصور قديمة للغاية وصور لحيوانات وطيور وزواحف متعددة الأشكال.

صخرة النصلة
وبالقرب من صخرة عنترة، هناك صخرة أخرى يروى انه كان يربط فيها فرسه ثم يلتقي محبوبته، وتسمى «صخرة النصلة» وهي قريبة في الحجم والارتفاع من صخرة عنترة، وهي أيضا لا تزال باقية على حالها، لم تتأثر كثيرا بعوامل التعرية التي تؤثر بقوة في تلك الصحاري والوديان.
ومع ان الصخرة تشتهر بأنها كانت مكانا للتلاقي بين عنترة وعبلة، إلا انها كذلك كانت شاهدا على الكثير من المواقف الحياتية لعنترة بن شداد، فالمعروف انه كان يقضي وقتا طويلا تحت ظلالها ويخلو فيها لنفسه وأشعاره، ومن كان يطلبه يبحث عنه داخل المضارب فان لم يجده يأتي إلى ناحية هذه الصخرة، لذا فانها لا تقف شاهدا فقط على قصة عشقه لعبلة، بل على فروسيته وكرمه ونجدته أيضا، فبالقرب منها، كما يقول المؤرخون، دارت معارك كثيرة له مع قبائل اخرى.
يقول المؤرخ السعودي عبدالرحمن الصبحي ان صخرة عنترة هي ابرز اثر تاريخي في المنطقة، وان السياح من مختلف أنحاء العالم يفدون إليها، كما أكد ان مجموعات من دارسي الشعر العربي عربا وغربيين، يأتون إليها ويجلسون تحت ظلالها متمثلين في ما يعتقدون ان الفارس الشهير كان يقوم به عندما يأتي الى جوارها.
وأضاف الصبحي: «هذه الصخرة تعني رمز الحب والعشق لمنطقتنا لأنها منطقة التقاء الحبيبين، عبلة وعنترة التي هام بها واضطر إلى أن يسير أكثر من 50 كيلومترا تقريبا يوميا للقاء محبوبته». وأوضح ان الكثير من بنات المنطقة يحملن اسم عبلة، تيمنا بالقصة التراثية التي تضرب عميقا في ذاكرة الأهالي ويتناقلون حكاياتها جيلا بعد جيل.

ديار بني عبس
من جانبه يقول الباحث التاريخي صالح الراضي ان بلدة قصيباء الواقعة في منطقة عيون الجواء تقع في حدود ديار بني عبس التاريخية ذاتها، وان البلدة (قصيباء) ظلت على الدوام غنية بالمياه والعيون المائية وان قبيلة بني عبس نزلت فيها، وبالقرب منها دارت رحى معارك داحس والغبراء لمدة اربعين عاما وهي الفترة التي ظهرت فيها فروسية عنترة بن شداد العبسي.
يشار إلى ان بلدة قصيباء ومنطقة عيون الجواء تضم قرى أثرية عتيقة وبقية أطلال قلعة عنترة بن شداد، كما توجد فيها بقايا أبراج قديمة كانت تستخدم للحراسة مبنية بالحجارة في أعلى الجبل الغربي لمراقبة عيون الماء وبساتين النخيل وطرق قوافل الحج التي كانت تمر بالمنطقة في القدم.
مجلة فوستا

0 التعليقات:

إرسال تعليق