بعد نجاحه جماهيريا وفشله نقديا في العام الماضي عبر مسلسل «فرقة ناجي عطاالله» واصل النجم عادل امام مسيرته التلفزيونية بعمل آخر (العراف) ليوجه بوصلته الفنية نحو عالم الدراما التلفزيونية لتكون ملعبه الرئيسي بعد انتكاسات سينمائية متلاحقة تمثلت في «بوبوس» و«حسن ومرقص» و«مرجان احمد مرجان».
شكلت خطوة عادل امام بتقديمه عملا تلفزيونيا للعام الثاني على التوالي مفاجأة للجميع نظرا لما عرف عن الزعيم حرصه على عدم تكرار نفسه فاختار قصة عمل مختلفة نوعا ما فمن لواء صارم بمباحث الأموال العامة في «ناجي عطاالله» إلى رجل أعمال ثري من بورسعيد ودكتور مشهور يمارس الطب وسفير في وزارة الخارجية، ومحام قدير وتاجر أنتيكات محنك بل وحتى خبير تجميل معروف ببيروت في «العراف».
العالم المفضل
هنا يغوص عادل امام في عالمه المفضل سينمائيا وهو النصب والاحتيال اذ يلبس شخصية «روبن هود» باختياره ضحاياه من الطبقة المخملية الثرية مقابل كرمه وعطفه على الطبقة المهمشة الذين يرفضون التصديق بأنه مجرد نصاب ومحتال.
بداية العمل كانت أبعد ما تكون عن الكوميديا عندما ابرز لنا المخرج رامي امام نظرة تفصيلية ومقارنة بين ساكني القصور وساكني القبور وبين حياة الفقر وحياة الثراء في محاولة لكسب تعاطف جماهيري مسبق وخلق حالة من النقمة على حياة الاثرياء لتبرير ما سيقوم به بطل العمل من عمليات نصب بحقهم.
الإطلالة المميزة
انقلبت الصورة بدءا من الحلقة الثانية ليبدأ الطابع الكوميدي للعمل مع اطلالة مميزة للزعيم بأداء سلس تجاوب معه جمهوره سريعا لتبدأ المفارقات الكوميدية العديدة التي صاغها يوسف معاطي ونجح في اخراجها رامي امام الذي استطاع تقديمها بصورة مميزة ومتنوعة تختلف باختلاف عدة النصب التي يلبسها نجم العمل.
الكوميديا السوداء
ونجح الزعيم في العمل بتلمس اوجاع الشارع المصري والعربي وانتزاع ضحكة غالية ليكون في هذا العمل بطلا من ابطال الكوميديا السوداء التي تحاكي الواقع من دون الدخول مباشرة في عالم السياسة ولكن تحمل العديد من الاسقاطات على الاحداث المصرية وخاصة بنقده الساخر للتيارات السياسية وخاصة اليسارية والشيوعية ساخرا في الوقت ذاته من الاقطاع والبورجوازية ونظرتهم الدونية للطبقات المهمشة في المجتمع عبر مواقف كوميدية راقية.
تبدو عناصر العمل وبناء الشخصيات اكثر نضجا ومنطقية من العمل السابق (ناجي عطاالله) خاصة من ناحية الكتابة والاخراج واداء الممثلين الذين تميز منهم بالاضافة للزعيم الممثل حسين فهمي ونهال عنبر التي مثلت باقتدار دور الزوجة والأم المخدوعة بالاضافة لشيرين التي شكلت مع الزعيم ثنائيا ناجحا، وكان لافتا خفة دم الممثل سعيد طرابيك بإتقانه دور المحشش المغيب عن الدنيا. مقابل ذلك لم يوفق احمد فلوكس في تأدية دور ابن عادل امام البورسعيدي لمبالغته الزائدة في نطق لهجة ابنائها بطريقة نافرة بدت وكأن فلوكس يستعرض في احد برامج التقليد وليس في عمل درامي.
عثرات درامية
عانى العمل من بعض العثرات والاخطاء التي حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية منها كمشهد توثيق موظفي السجل العقاري لبيع سيارة عادل امام اذ وفور موافقة طلعت زكريا على الشراء تمت الاستعانة بخبراء التوثيق الذين يتطلب حضورهم إذنا مسبقا بالاضافة لعدم منطقية التحاق ابن عادل امام بكلية الشرطة بسبب سجن والده في قضية نصب ما يقف عائقا في وجه الانضمام إلى أي من الكليات العسكرية ولم يكن المبرر الذي أوجده المؤلف في الحلقة التالية منطقيا بعد الكلام عن رفع دعوى قضائية وغيرها من المشاهد البسيطة التي كان الاستعجال للحاق بشهر رمضان سببا اساسيا فيها.
ورغم حرص الزعيم على عدم تكرار نفسه الا ان التشابه بين «العراف» وفيلم «اللعب مع الكبار» بدا واضحا فالخطوط الرئيسية للعمل تشابهت مع نص وحيد حامد المتميز في الفيلم فشخصية حسين فهمي خلال العمل تكاد تكون نفس الشخصية بين رجل مباحث في امن الدولة وفي «العراف» يقوم بدور رجل مباحث، كذلك عادل امام يؤدي دور النصاب الذي لا يسرق إلا الأغنياء أي الكبار وفي الفيلم يقوم بدور رجل يحلم بأحداث ستقع وتؤثر على امن الدولة والمسؤول عنها أغنياء. وكذلك الأمر بين «العراف» و«ناجي عطاالله» في خطوط صغيرة خاصة حول سرقة بنك واعطائها للفقراء في العمل السابق والحالي حول سرقة الاثرياء والعطف على الفقراء.
0 التعليقات:
إرسال تعليق